الجمعة، 22 سبتمبر 2017

خاطرة " عن الحبّ و غبار القمح " بقلم الكاتب : عبد الرحمن حمدونة


عن الحبّ و غبار القمح 
 
كان سعيداً
فالوقوف تماماً في مرمى طيشها ,,
في الفاصل الزّمني بين استهتار أصابعها بالمدّة الزّمنية الكافية لاختمار البنّ .. 
وتحدّي عروقها لقانون الصّمت في حضرة الموسيقى المدهشة ..
بعيداً بميلّمترات قليلة عن امتزاج خيبتها بفرحها الطّفولي ..
الوقوف بإجلال ضمن الحقل المغناطيسي لضحكتها الصّامتة ..أمرُُ مثير للابتسام .. 
بغضّ النّظر عن نوع الإبتسامة ,, ومدّتها ,, وقدرتها على إردائك قتيل الكمال ..
كان سعيداً .. فقد كانت هنا .. ولم يحجب نظرتها إليه بدهشة بحر الرّمال هذا ..
و بتعرفك .. لو كنت ماشي بالضّباب ,, وبتلمحك لو كنت خاطر بالظّلام
فاطفئ جنونك ونم .. للأبد .. نم سعيداً .. فقد مرّت من هنا .. 
مرّت كشهب أضاء رمالك ولمع خلالها ما تبيّن أنّه جلّ ما ينقصك في هذي البلاد ..

إنّ الإستماع لموسيقى رامين جوادي بسمّاعات أورجينال تم العثور عليها بين الرّمال ,, 
يمنح من الشّغف ما يعادل خمسة أضعاف تقبيل حبيبة
ويبقى السّؤال :
هل يمكن للإنسان أن يحبّ غيره حقّاً !! أم أنّ مشاعره شرّ لا بدّ منه ,, 
وذهب يستمتع بخلقه ليرى في نفسه ذات الإله ؟
ذاك الإله الذي تخافه ,, تحبّه .. تؤمن بعدله .. بطهارته ؟
عطفاً على ما سبق ..
أعتقد أنّ الحبّ هو الانانيّة ..
فهل راودك يوماً سؤال كهذا :
ماذا لو كان أيّ تصرّف إيجابي أردت به إسعاد أمّك .. نابع من رغبتك برؤية إبتسامة الرّضا في عينيها ,, 
رؤية نفسك جميلاً في قلبها
أكثر من رغبتك بإسعادها حقّاً ؟
هذا الأمر يلزمه التفكير كثيراً ؟
ما هو تفسير حبّنا للوهم المسمّى وطن إذاً .. 
كيف لك أن تموت بكامل الشّغف في سبيل رماله التّي لن تجد بها إلّا الكثير من الجثث ,,
وسمّاعات أوريجنال تستخدمها للاستماع لموسيقى رامين جوادي ؟
هل تنتظر نظرة الرّضا في عينيّ حبّة رمل ؟!
ماذا أفعل لذرة رمل دخلت عيني ؟ 
ماذا بعد المنعكس العصبي المناسب أكثر من إنّي أغمّض عيني عليها 
..
ما هو عمرك ؟
حقيقة لا أعرف .. كلّ الذي أعرفه إنّي كنت تركت حبيبتي في تلك المدينة .. 
وأمي بمدينة أخرى  "
خلال أربع ساعات يجب أن تدخل قاع الرّمل "
في منتصف المسافة بين مدينتين ..
في المنتصف .. بين حضن أم .. وكتف حبيبة
تأتيك المصيبة على هيئة وطن ..
نموت نموت ويحيا الوطن .. يحيا لمن ؟
هذا كل شيء أستطيع أن أتذكره
والأن أفكّر بهذي الرّمال ,, وما تخفيه تحتها من بترول ,, ومواد عضويّة .. 
عبارة عن كائنات حيّة ماتت وتحلّلت ها هنا ,,
يتهيّأ لي أحمقين يمشيان خلسة فوقها قبل مئات السّنين .. مثلنا تماماً ,, هو يحدّثها عن حبيباته الكثر .. 
وهي تبادله نفس الأكاذيب .
- ارسلي اي اسمك وصورتك بمسج يا حلوتي
- ولماذا تريد أسمي ؟ عينينا هنّن أسامينا ..
- هذا الشّي لا يعرفه موظّف النّفوس يا روحي .. 
أذكر وقتها أني بأخر إجازة اكتشفت إنه لا يوجد ولا صورة لنا معاً  .. إلّا صورة جماعية ,,
شاهدتها كانت يدانا متشابكة ببعضها  نمسك بهم وقيّة قهوة 
مثل دفتر ضمان صحّي أو مثل أولادنا ..
وعند موتي كيف لي أن أقنع هذا الموظّف النّفوس
 حين يطلب صورة ليضعها على شهادة الوفاة ويسأل عنّك ؟
هل أقول له :
  سجّل الإسم عسلي ,,
و تاريخ الميلاد يوم قرّر الله أنّه لا يتكمل الصّباح من غير نور عيناها 
و ندى على ورق الحبق وزهور الياسمين ؟
أرسلي لي إسمك وتاريخ ولادتك أيتها الجميلة ..
ثمّ رحلت .. !!!
رحلت غير آبهةِِ لكون يديها حائط مبكاي الأوحد .. 
آخر ما تبقّى من هيكل سليمان في كوكبي ..
كان من الخطأ أن أخفي عنها أنّ ضحكتها قيامتي .. 
وأنّ ملامسة أصابعها كمن هزّ جذع نخلة فتساقط منه رطباً جنّيا ,, 
أعالج به ما سبّبته الرّمال من تشقّقات في باطن كفّي المفعم بيتمِ غيابها ..
" ثمّ رحلت .. وبقيت الموسيقى معي " ,,, 
وبقايا دهشتي بطريقة حبالها الصّوتيّة في الإلتفاف حول عنق خيبتي كحبل نجاة
 أو كمشنقة
" عجبت منك ومنّي ... يا منية المتمنّي " ..
  الوقت الآن مخصّص لقراءة رسالتك التّي كتبتها على وجه حبيبتي بالنّمش :
" أجمل التّاريخ .. كان غداً " .
..
بـقـلمــہ عبد الرحمن حمدونة
عےـــــــــــبــــــدــ.ے®™
..